مؤخرا، ومع كل صباح، أشعر أننا أقرب للأردن،
ذلك الأردن الثابت والشامخ كالطود، الذي ننتمي إليه وينتمي إلينا، ذلك الوطن الذي كان ولا يزال وسيظل قدره بحكم جغرافيته السياسية ومعدن أهله الطيب وثوابتهم التي لا تتزحزح أن يكون في مهب عيون العواصف فيمر عنها صلبا متماسكا أكثر من كل ما هو قبل.
لا يوجد سر غامض في قدرة الأردن على ان يكون كذلك، سره بسيط يكمن في معادلة أكثر بساطة في طرفها الأول توجد قيادة وهبها الله الحكمة وقد أنعم عليها ببركة السلالة، ومن طرفها الثاني أردنيون يؤمنون بتلك القيادة، لا أكثر ولا أقل، فقط يؤمنون بها بلا مزاودات.
قيادة عميدها وكبيرها جلالة الملك عبدالله الثاني ومعه عضده وسنده ولي عهدنا المحبوب سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله، يضربون المثل والقدوة حتى في أدق تفاصيل حياتنا اليومية ويعيشون أحزاننا وأتراحنا وهم منا وفينا منذ كنا في هذا الوطن الذي بنيناه دولة.
وإلينا في ظاهرة إطلاق العيارات النارية التي أودت بحياة العريس الشاب حمزة الفناطسة، مثالا، حيث استدعت أن نتابع ولي العهد يذهب إلى معان للمرة الثانية في ظرف أيام قليلة، ليعطي النموذج الأوضح ببساطة الأمير الهاشمي وعمقه في آن.
وهذا ما يحفزني كمواطن أن أطرح على نفسي سؤالا، ما الذي يجب أن أقدمه للأردن بدوري، وهل أنا عنصر فاعل في النسيج الوطني؟
وما توصلت إليه أن الإجابة على هذا السؤال لا تكون بالكلمات، بل بالأفعال، لكن قبل ذلك عليّ أن أضع الأردن، في صميم أولوياتي، وعلى رأس بوصلتي، انطلاقا من قاعدة التشدد في حب هذا البلد وتقديمه على كل المصالح والحسابات.
يعيش على هذه الأرض، أردنيون مجبولون بحب ترابه، من كل الأطياف والفئات والتوجهات، لكننا وكما قلت سابقا، إننا جميعا نمثل عشيرة الأردن الكبرى، من أبناء الصحراء إلى بيوت الأرياف والمخيمات والمدن.
وعلينا أن نكون جميعا منحازين للوطن ومتطرفين في العمل لأجله، وأن ندرك أننا في مرحلة لا تقبل التسويف أو التراخي وأن دورنا فيها محوري وجوهري، وأننا اليوم نرسم ملامح الغد القريب.
ومما لا نساوم عليه أن حب الوطن يأتي من منطلق لا يقبل المقايضة أو المبادلة يعكس انتماء المواطن لمجتمعه وثقافته وقيمه، وهذا يسهم في تعزيز الهوية الوطنية والمجتمعية والحفاظ على الهويات التقليدية والقيم الخاصة بنا وتعزيز الانضباط المجتمعي والالتزام بالقوانين والأخلاقيات، وهو ما سيسهم في ترسيخ تلك القيم ونقلها إلى الأجيال الصاعدة مهما تغيرت ظروف العالم وشكله.
إن المواطنين هم العنصر الأساسي في بناء وتطوير الوطن، وليس من طريقة أفضل لتعزيز الانتماء الوطني مثل تفعيل المشاركة السياسية والمدنية ، ولعب دور نشط في تشكيل المصير عبر الأحزاب الحقيقية التي ستعكس فسيفساءنا الأردنية الرائدة، أحزاب تضع برامج حكم وإدارة مبنية ومؤسسة على قيمنا الأصيلة لتكون مؤهلة فعلا ان تكون أحزاب تمثل الأردنيين وتطلعاتهم.
وخلاصة كلامي أن حبي لقبيلتي وانتمائي وحبي لتراب الوطن عقائدي حر وأصيل وهذا الحب يجب أن يُترجم بالتماهي مع دعوة جلالة الملك لحياتنا الحزبية القادمة، وأن على الأحزاب أن تختلف في كل شيء إلا على الوطن، ولن يتحقق ذلك إلا إن كانت نواة كل حزب، حب الوطن ولا شيء سواه.