في كل حرب هنالك مآس وبشاعات وظلمات، ولكنها تنتج دائما آفاقا جديدة خاصة إذا كانت في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني، ومن أجمل تجليات الحرب أنك ترى الأردنيين يقاومون في كل مكان وبكل ما يستطيعون.
فجلالة الملك يبذل جهدا عظيما لا غبار عليه، ويقاتل سياسيا ودبلوماسيا لنصرة أهلنا في غزة، وشعبنا الأردني الأصيل ينتشر في كل بقاع الوطن نصرة لغزة وفلسطين دون كلل أو ملل.
والتضحيات الأردنية في نصرة القضية الفلسطينية مشرفة وكبيرة، ولطالما اختلطت الدماء الأردنية والفلسطينية على تراب أرض الحشد والرباط، منذ احتلالها عام 1948 رغم إمكانياته المتواضعة في ذلك الوقت، واستطاع الدفاع عن القدس ومعظم الضفة الغربية وحفظهما من الضياع.
وسجّل نشامى الجيش العربي أعظم الملاحم في القتال ضد المحتل، وحتى يومنا هذا حيث تمثل المملكة الهاشمية الرئة التي يتنفس منها إخواننا المرابطون ويقاومون غطرسة المحتل.
وحتى بعد هزيمة النكسة التي حذر الأردن الأشقاء العرب من دخولها لأنه علم أن ميزان القوى لم يكن ليسعف العرب، لكنه تحمل مسؤولياته العروبية والقومية والدينية والاخلاقية واحتضن مئات الآلاف ممن حاول الاحتلال إبادتهم وعاملهم كمواطنين لهم حقوقهم وعليهم واجباتهم.
وواصل الأردن نضاله ضد المحتل وسجل نصرا عظيما في معركة الكرامة الخالدة ومرغ أنف الصهاينة وجيشهم الذي كان يظن أنه لا يقهر.
والآن بعد قرابة 50 يوما على قصف غزة وحرق أرضها وناسها، لا يزال الغزيون ثابتون صامدون، ورغم كل آلامهم وأوجاعهم إلا أنهم يوجهون للأردن أجمل الرسائل، ويعبرون عن مدى فخرهم بإخوانهم الأردنيين ووقفتهم إلى جانبهم والمساعدات التي تصل باستمرار والتحركات الدبلوماسية والسياسية الجبارة.
وأيضا لا تزال المقاومة البطلة تقصف كل البقاع المحتلة، وتثكل العدو بخسائر جمة، وتوثقها بالصوت والصورة، فيما يواصل العدو فضح نفسه وهزائمه بنشر أفلام كرتونية هزيلة مثيرة للضحك والاستخفاف.
وكونوا على ثقة أن طول أمد الحرب يعني مزيدا من الهزائم للاحتلال، وأنه لا يملك سوى الاستقواء على الأطفال والنساء والشيوخ، وأن أقرب حلفائه قد بدأو بالتردد في دعمه، وهذا مؤشر على أن ما يواجهه الاحتلال من حلفائه الذين كشفوا تخبطه الاستخباراتي والعسكري يوجهون له رسائل توبيخية قاسية تحت الطاولة.
فهناك الملايين حول العالم يهتفون دفاعا عن غزة، وهناك الموقف الفرنسي تغير بشكل كبير، والمواقف المهمة في النرويج وإسبانيا، وكذلك الأمم المتحدة، وأيضا أمريكا التي بدأت تمتعض علنا من العشوائية والتخبط الذي تفعله إسرائيل.
وكونوا على يقين بأن النصر صبر ساعة فبينما نفاخر بشهدائنا الدنيا، يوجع الاحتلال كل قتيل، لأنهم بلا قضية وبلا عقيدة وبلا إيمان، كما يقوم شهداؤنا بتمهيد الطريق لنا ويرصفونه ويضعون أولى مشاعل التحرير على طريق التحرير لأم القضايا “القضية الفلسطينية العادلة”.